يسعى التحليل العاملي إلى الكشف عن عدد صغير نسبيًا من المتغيرات غير المشاهدة (التحتية أو الكامنة) التي تمثل تمثيلا كافيا العلاقات البينية بين عدد كبير من المتغيرات المقاسة (المشاهدة أو الظاهرة)، بحيث أن كل متغير كامن يمثل مقدار التباين المشترك (المعلومات) بين عدد من المتغيرات المقاسة.
والمتغيرات التحتية أو الضمنية التي تلخص جل المعلومات التي تنطوي عليها المتغيرات الظاهرة المقاسة، تسمى فنيا بالعوامل الكامنة (Latent Factors) أو بالعوامل اختصارا.
ماذا نعني بالتحليل العاملي؟
العامل هو متغير كامن (Latent variable) لكن يختلف عن المتغيرات في أن معظم المتغيرات يمكن قياسها مباشرة، في حين أن العوامل هي متغيرات افتراضية مشتقة من تحليل بيانات مجموعة متغيرات تم قياسها قياسا مباشرا.
ويقصد بالمتغيرات المقاسة أو الملاحظة العناصر التي تكون موضوعا للتحليل العاملي، وقد تكون هذه العناصر أو المتغيرات فقرات استبيان أو اختبار أو مقياس بحيث أن كل فقرة تمثل متغيرا، وقد تكون مقاييس فرعية لمقياس أساسي بحيث أن كل مقياس فرعي (وليس الفقرة) يعتبر متغيرا.
وقد تكون المتغيرات مقاييس كاملة وليست مقاييس فرعية أو فقرات، بحيث يراد الكشف عن العوامل الكامنة المشتركة بين ما تقيسه هذه المقاييس، فمثلا: قد يريد الباحث أن يحلل عددا من مقاييس تقدير الذات الأكاديمي أو الدراسي الموجودة؛ ليكشف عن العوامل القليلة (الكامنة) التي تشترك فيها المقاييس العديدة لتقدير الذات.
والتحليل العاملي يعمل على الكشف عن المتغير الكامن الذي يمثل البنية المشتركة بين المتغيرات المقاسة، بحيث يمكن اختزال المتغيرات المقاسة إلى هذا المتغير الكامن الذي يدعى بالعامل.
وظائف التحليل العاملي
يقوم التحليل العاملي بأدوار ووظائف متنوعة ومتباينة، ويمكن اختزالها في وظيفتين رئيستين، هما:
- اختزال تعدد المتغيرات المقاسة أو المؤشرات إلى عدد قليل من المتغيرات الكامنة التي تلخصها
يعتبر التحليل العاملي استراتيجية منهجية لتلخيص تعدد المتغيرات المقاسة واختزالها إلى متغير كامن واحد أو متغيرين كامنين أو عدد قليل من المتغيرات الكامنة تمثل جل المعلومات التي تنطوي عليها العلاقات البينية للمتغيرات المقاسة؛ مما يسهل التعامل مع هذه القلة من المتغيرات الكامنة مقارنة بصعوبة التعامل مع الكثرة من المتغيرات الأصلية المقاسة.
ويفيد الاختزال في حل بعض مشكلات التحليل الإحصائي القائمة على تعدد المتغيرات سواء أكانت متغيرات تابعة أو مستقلة، والتحليل العاملي يوفر هذه الإمكانية بحيث يمكن من اشتقاق متغيرات قليلة تمثل معلومات عدد كبير من المتغيرات الأصلية، كما تمكن من توفير متغيرات مستقلة حتى يتنسى استعمالها في تحليل الانحدار المتعدد مثلا.
- الكشف عن البنية العاملية الكامنة أو مساحات الدلالة المشتركة التي تكمن وراء تعدد المتغيرات المقاسة.
يمكّن التحليل العاملي من اشتقاق متغيرات كامنة أو عوامل تعكس البنية العلائقية المشتكرة بين عدد كبير من المتغيرات الأصلية المقاسة، فإذا كانت المتغيرات المقاسة تمثل المتغيرات المباشرة التي يتعامل معها الباحث كالفقرات أو الاختبارات أو المقاييس،فإن العوامل أو الأبعاد أو المتغيرات الكامنة تمثل المساحات المشتركة من العلاقة التي يجمع بين شتات المتغيرات الأصلية، ويسمى هذا القاسم المشترك من العلاقات بين المتغيرات المقاسة الظاهرة بالبنية الكامنة التي تفسر العلاقات التي تجمع المتغيرات المقاسة.
أقسام التحليل العاملي
ينقسم التحليل العاملي إجمالًا إلى:
- تحليل عاملي استكشافي:
فيه لا يفترض الباحث بنية عاملية معينة، وأنما سيكشف هذه البنية العاملية بعد الانتهاء من إجراء التحليل العاملي، ولذلك سمي بالتحليل العاملي الاستكشافي.
ولا يستهدف التثبت أو التأكد من صحة النموذج المفترض سلفا، وأنما يسعى إلى اكتشاف البنية العاملية، وهي:
- عدد العوامل.
- طبيعة العوامل.
- نوع الفقرات التي تتشبع على كل عامل.
وذلك بعد ‘جراء التحليل العاملي.
- تحليل عاملي توكيدي:
وفيه يفترض الباحث قبل استعماله بنية عاملية نموذجا تصوريا نظريا يوضح هذه البنية العاملية لمفهوم معين أو موضوع معين، معنى ذلك أن الباحث يفترض سلفا قبل أجراء التحليل العاملي عدد العوامل التي تكون مفهوما معين.
والتحليل العاملي التوكيدي يتبنى منهجا اختباريا توكيديا لأنه ينطلق من نموذج نظري عاملي، ويستعمل ليعين الباحث على إثبات صحة النموذج، ذلك للتثبت أو التأكد من مدى مطابقة النموذج للبيانات.
خطوات إجراء التحليل العاملي
تتمثل خطوات إجراء التحليل العاملي الاستكشافي بما يلي:
- تحليل مصفوفة الارتباطات بين المتغيرات المقاسة: ويتطلب التحليل العاملي بعض الافتراضات كطبيعة توزيع المتغيرات المقاسة، ومستوى قياسها، وحجم العينة، ثم الانتقال إلى اختبار مدى صلاحية البيانات (مصفوفة الارتباطات) لإجراء التحليل العاملي عليها.
- طريقة استخراج أو اشتقاق العوامل: للكشف عن البنية العاملية الكامنة التي تلخص العلاقات الارتباطية البينية بين المتغيرات المقاسة.
- طرق التدوير بغية الحصول على عوامل ذات معنى أو لتيسير عملية تأويل العوامل.
- حساب الدرجات العاملية لكل فرد، أي درجة كل فرد على كل عامل من العوامل المستخرجة.