تُعد الذاكرة من بين أهم العمليات العقلية العليا في حياة الإنسان، وتعتمد عليها العديد من العمليات الأخرى، مثل: الإدراك، والتعلم، والتفكير، وحل المشكلات، والتحدث حيث يشير مصطلح الذاكرة (Memory) إلى الدوام النسبي لآثار الخبرة ومثل هذا الأمر دليل على حدوث التعلم وشرط لا بد منه لاستمرار عملية التعلم وارتقائها.
وإذا كان التعلم يشير إلى حدوث تعديلات تطرأ على السلوك جراء تاثير الخبرة السابقة فإن الذاكرة تعتبر عملية تثبيت لهذه التعديلات وحفظها وابقائها جاهزة للاستخدام.
تعريف الذاكرة
تعتبر الذاكرة من إحدى قدرات الدماغ، وهي القدرة على تخزين المعلومات واسترجاعها، وهي نسق لمعالجة المعلومات، وذلك مثل الحاسوب تمامًا إلا أن المعاجلة للمعلومات تكون على أساس ديناميكي تدخل فيه عوامل فسيولوجية ونفسية وغيرها.
تعرف الذاكرة في القاموس النفسي بأنها: هي استمرار للماضي وتتخذ كمرجعية لها المعطيات سير الذاتية واكتساب المعارف العامة، غيرأنها ليست وفيه تماما إذ تتعرض لتحولات نتيجة لإعادة البناء الخاضع للاشتغال المعرفي.
وعرّف أندرسون (Anderson) الذاكرة على أنها: دراسة عمليات استقبال المعلومات والاحتفاظ بها واستدعائها عند الحاجة.
وينظر لها على أنها مستودع لكل الانطباعات والتجارب التي أكتسسبها الإنسان عن طريق تفاعله مع العامل الخارجي، وعن طريق الحواس وهي إنطباعات توجد على شكل صور ذهنية، وترتبط معها أحاسيس ومشاعر سارَّة أو غير سارَّة للإنسان.
ورأت رمزية الغريب أن الذاكرة: هي القدرة على الاحتفاظ بما مر بالفرد من خبرات، ورأى فؤاد البهي السيد أن الذاكرة: هي العملية العقلية التي تمكن الفرد من استرجاع الصور الذهنية والسمعية، وغيرها من الصور الأخرى التي مرت به في ماضيه إلى حاضره الراهن.
أنواع الذاكرة
توجد عدة نظريات لتفسير مختلف الميكانيزمات التي تدخل في عملية تخزين المعلومات، ونظرا لتداخل وتعدد التقسيمات للذاكرة أثناء معالجتها وتخزينها للمعلومات يمكن أن تندرج أنواع الذاكرة وفق الترتيب الآتي:
تقسيم الذاكرة وفقا لطبيعة النشاط النفسي
- الذاكرة الحسية العيانية:
وهي الذاكرة التي تتعلق بالإنطباعات المتجمعة عن الطبيعة من خلال أعضاء الحس، إذا يقوم العالم من حولنا بتزويدنا بآلاف المثيرات الصورية واللمسية الشمية والذوقية التي تدخل الحواس، وتقوم الحواس بدورها الآلي في نقل هذه المعلومات إلى المرحلة القادمة من التخزين.
وتعرف الذاكرة الحسية بالمخزن أو المسجل الحسي، ويمكن تلخيص أهم خصائصها في الآتي:
- تنقل الذاكرة الحسية المعلومات صورًا حقيقية عن العالم الخارجي بدرجة من الدقة عن طريق الحواس الخمس.
- تخزن الذاكرة الحسيية المعلومات لمدة قصيرة من الزمن لا تتجاوز الثانية بعد زوال المثير الحسي.
- تنظيم الذاكرة الحسية لتمرير المعلومات بين الحواس والذاكرة القصيرة.
- لا تقوم الذاكرة الحسية بأية معالجات معرفية للمعلومات بل تترك ذلك للذاكرة القصيرة.
- الذاكرة اللفظية المنطقية:
وفي هذا النوع يحدث أن الفرد يتذكر تلك الألفاظ ذات المعنى الذي ينعكس على جواهر الأشياء الظاهرة المراد تذكرها، حيث تعتمد الذاكرة على إدراك العلاقت المنطقية بين عناصر المادة المتعلقة، فالأمر لا يرتبط فقط بالشكل البصري هي تعصف بذاكرة المعاني، ويقصد بها تذكر الكلمات والمفاهيم والقواعد والأفكار المجردة، وهي ضرورية لاستخدام اللغة.
- الذاكرة الانفعالية:
- الذاكرة الحركية:
تقسيم الذاكرة وفقا لأهداف النشاط
- الذاكرة الإرادية:
تقوم هذه الذاكرة على وجود أهداف محددة توجه العمليات العقلية المتضمنة في الذاكرة، كأن تتذكر في الاجتماع موضوعات معينة ترتبط بأهداف السؤال ومقتضياته، ولا ننسى أننا نحفظ المعلومات عن قصد لكي نتذكرها جيدا في الإمتحان أو في مواقف أخرى.
- الذاكرة اللإرادية:
في هذا النوع من الذاكرة لا توجد أهداف محددة توجه العمليات المتضمنة في الذاكرة وجهة معينة حيث يقفز إلى الوعي نماذج لأحداث ظواهر أو أشخاص بدون قصد كما لو كانت من تلقاء ذاتها كأن يتذكر الإنسان لحنا موسيقيًا ما وهو يقرأ كتابًا.
تقسيم الذاكرة وفقا لإستمرارية الإحتفاظ بمادة الذاكرة
- الذاكرة الحسية:
تعتبر الذاكرة الحسية المرحلة الأولى في نسق التذكر عند الكائن البشري حيث يتم تخزين المعلومات الحسية هذه المعلومات الواردة عن طريق الحواس الخمس، وتميز هذه الذاكرة ببقاء تأثير المنبه بعد إنهاء عملية التنبيه أو توقفه سواء كان هذا المنبه بصريا أو سمعيا أو واردا من أي حاسة من الحواس.
- الذاكرة قصيرة المدى:
- الأولى: تتمثل في جمع المعلومات للاستعمال الأني.
- الثانية: عبارة عن معالجة المعلومات من أجل التخزين الفعال.
- الثالثة: تجديد المعلومات بعد عملية استرجاعها من الذاكرة طويلة المدى.
- الذاكرة طويلة المدى:
هي عبارة عن مرحلة يكون فيها التخزين منتهيا وفعالا بعد المعالجة التي يمر بها في ذاكرة العمل، وتتدخل الذاكرة طويلة المدى عندما يكون وقت الاسترجاع للمعلومات يتراوح من بضعة دقائق إلى عدد من السنوات، وما يميز هذه الذاكرة هو توفر المعلومات في كل وقت ولكن هذا لا يعني أن الاسترجاع سهل المنال، ويمر التخزين طويل المدى للمعلومات بثلاث مراحل أساسية، وهي:
- مرحلة تسجيل المعلومات القادمة من ذاكرة العمل.
- مرحلة تنظيم المعلومات.
- مرحلة لإعادة تنشيط واسترجاع لهذه المعلومات.
العوامل المؤثرة على التذكر
- عوامل خاصة بالمتعلم: مثل النضج والعمر والاستعداد والميول والدافعية والخبرة والحالة النفسية والحالة الجسمية.
- عوامل خاصة بالمواضيع المراد تذكرها: وتشمل وضوح المعنى، والترابط بين وحدات المادة الدراسية.
المرجع
عبدالقادر، إسماعيلي يامنة وصابر قشوش (2015). الدماغ والعمليات العقلية - الانتباه- الإدراك- التفكير- التعلم والذاكرة. ط2، عمان: دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.