ساعدت الكثير من العوامل في الانتقال من المفهوم التقليدي للمنهاج إلى المفهوم الحديث، ومن أهمها طبيعة المنهاج التربوي نفسه، فهو يتأثر بالمتعلم وبالبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية.
وكل عامل من العوامل يخضع لقوانين التغير المتلاحقة، فقد كان لا بد من أن يحدث فيه تغيرًا، وأن يأخذ مفهومًا جديدًا لم يكن لديه من قبل، وللتدليل على ذلك يكفي أن تتم الإشارة إلى أن المتعلمين الذين يخطط لهم المنهاج أحياء ينبضون بالحيوية والنشاط، وأن غاية التربية هي استثارة نموهم الذاتي وتوجيهه.
تعريف المنهاج
يعرف المنهاج بأنه مجموع الخبرات التي تهيؤها المدرسة للمتعلمين في مرحلة خاصة من مراحل نموهم بقصد المساعدة على تحقيق أقصى ما يمكن من النمو لهم، ومن الرفاهية لمجتمعهم، ولكي يساعدوا في حل مشكلات بيئتهم.
وهو كل دراسة أو نشاط أو خبرة يكتسبها، أو يقوم بها المتعلم تحت إشراف المدرسة، وتوجيهها سواء داخل الصف أو خارجه.
وهو مخطط تربوي ستضمن عناصر مكونة من أهداف ومحتوى وخبرات تعليمية وتدريس وتقويم، مشتقة من أسس فلسفية واجتماعية ونفسية ومعرفية، مرتبط بالمتعلم ومجتمعه، ومطبقة في مواقف تعليمية تعلمية داخل المدرسة وخارجها وتحت إشراف منها، بقصد الإسهام في تحقيق النمو المتكامل لشخصية المتعلم بجوانبها العقلية والوجدانية والجسمية، وتقويم مدى تحقق ذلك كله لدى المتعلم.
أنواع المناهج
- المنهاج الرسمي: وهو المنهاج المخطط له، ومصادق عليه من قبل السلطات الحكومية الرسمية، ويطلق عليه المنهاج المكتوب.
- المنهاج الواقعي: وهو المنهاج الذي يتم تحقيقه بالفعل.
- المنهاج الخفي: وهو المنهاج الذي يتحقق في سلوك الطلبة شئنا أم أبينا، ويسمى المنهاج المستتر أو المختبئ موجود معنا ويرافقنا في كل ما نقوم به من أعمال لها علاقة بعمليتي التعليم والتربية.
- المنهاج الأيديولوجي: وهو المنهاج المثالي الذي يبرز صورة المنهاج كما يراه العلماء والمنظرون.
- المنهاج المرئي: وهو ما يظن الآباء والمدرسون والمجتمع أنه موجود حسب مرئياته.
- المنهاج العملي: وهو ما يقع تنفيذه بالفعل في الغرف التدريسية، ويطلق عليه أيضا المنهاج المُدرَس، وهو المنهاج الذي بإمكان المشاهد ملاحظته منفذا مثلما يدرسه المعلم في المدرسة.
- المنهاج التجريبي: وهو ما يحسه ويجربه المتعلم في الواقع.
عناصر المنهاج التربوي
يتكون المنهاج التربوي من عناصر مترابطة ومتشابكة يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر بها، وكل عنصر من هذه العناصر يشكل نظامًا فرعيًا ضمن النظام الكلي، هذه العناصر هي: الأهداف التربوية، والمحتوى، والأنشطة، والتقويم، وفيما يلي وصف مفصل لكل عنصر من هذه العناصر.
الأهداف التربوية
يعرف الهدف بأنه وصف لتغير سلوكي متوقع حدوثه في شخصية المتعلم بعد مروره بخيرة تعليمية ما.
وتصنيف الأهداف التربوية إلى ثلاثة مجالات، وهي:
- المجال المعرفي.
- المجال الوجداني (الانفعالي).
- المجال المهاري (النفسحركي).
ويشتمل المجال المعرفي على ستة مستويات وهي ما يعرف بهرم بلوم (Bloom)، وهي:
- مستوى اكتساب المعرفة والحفظ.
- مستوى الفهم والاستيعاب.
- مستوى التطبيق.
- مستوى التحليل.
- مستوى التركيب.
- مستوى إصدار الأحكام أو التقويم.
وتصنيف الأهداف الوجدانية، بحسب كراثوول إلى خمسة مستويات، وهي كما يلي:
- مستوى الانتباه للمثيرات القيمية.
- مستوى الاستجابة الإيجابية.
- مستوى إعطاء القيمة للأشياء.
- مستوى تنظيم القيمة في النسق القيمي.
- مستوى تمثل القيمة والاعتزاز بها.
وتصنف الأهداف المهارية بحسب كبلر وزميلاه إلى أربع فئات، وهي كالآتي:
- مهارات التواصل غير اللفظية.
- المهارات الحركية الدقيقة التناسق.
- مهارات الحركات الجسمية الكبرى.
- السلوك التواصلي اللفظي الكلامي.
المحتوى
يشتمل المحتوى على المعرفة المنظمة المتراكمة عبر التاريخ من الخبرات الإنسانية، ويشتمل على المعرفة التي هي نتاجات الخبرات البشرية اليومية التي لم تنتظم بعد في حل معرفي معين، ويشتمل المحتوى أيضًا على الأهداف والأساليب والتقويم.
تصنيفات المحتوى هي تصنيفات المعرفة، ولذلك تصنف المعرفة المنظمة في المحتوى حسب ارتباط المعرفة بالأهداف، فتكون لدينا معرفة ادراكية، ومعرفة قيمية، ومعرفة ادائية.
وقد تصنف المعرفة المنظمة في المحتوى حسب المجالات أو الحقول الكبرى للمعرفة المنظمة، وهي: المعرفة الطبيعية، والمعرفة الإنسانية، والمعرفة الرياضية، والمعرفة التطبيقية، والمعرفة الحاسوبية.
وتصنف المعرفة المنظمة من المحتوى حسب نتاجات التعلم المختلف، وهي: الحقائق والبيانات، المفاهيم، المبادئ والتعميميات، الفرضيات والنظريات، المهارات، والفيم والاتجاهات.
الأنشطة
يقصد بالنشاط الجهد العقلي أو البدني الذي يبذله المتعلم أو المعلم من أجل بلوغ هدف ما، وللنشاط مضمون وله خطة يسير عليها وله هدف يسعى لتحقيقه.
ويذكر مع الأنشطة الخبرات، والخبرة هي مواقف تعليمية يمر بها المتعلم بنفسه، فيتعلم من هذا المرور.
وظائف الأنشطة
للأنشطة وظائف أساسية يمكن أجمالها في الآتي:
- تنمية مهارات معرفية لدى المتعلم.
- تنمية ميول واتجاهات وقيم لدى المتعلم.
- الربط بين الجانب النظري والجانب التطبيقي.
- تنمية مهارات الاتصال والتواصل مع أطراف العملية التعليمية والتعلمية والمادة التعليمية.
- تعلم التخطيط والعمل ضمن فريق.
التقويم
وهو العملية التي يحكم بها على مدى نجاح العملية التربوية في تحقيق الأهداف المنشودة، وهو عملية تشتمل على عمليات فرعية تؤدي إليها مثل: عملية التقييم بمعنى التثمين، وعملية التشخيص بمعنى تحديد مظاهر القوة ومواطن الضعف، وعملية القياس أي تكميم للتقويم، وعملية الممتابعة، وعملية التغذية الراجعة، وعملية إصدار الحكم.
تتعدد أنواع التقويم وتتشعب بتعدد معايير التصنيف، وفيما يلي أهم هذه الأنواع:
- معيار قيمة المنهاج: قيمة المنهاج النهائية أو قيمة المنهاج التحصيلية.
- معيار دلالات التقويم: بدلالة الأهداف أو بدلالة عناصر المنهاج الأخرى: المحتوى والأنشطة والتقويم.
- معيار غرض التقويم: لإصدار حكم على المنهاج أو لاتخاذ قرار ما.
- معيار مدى اتساع عملية التقويم: تقويم جزء من المنهاج أو تقويم المنهاج كله.
- معيار مراحل التقويم: التقويم التمهيدي، والتقويم البنائي المرحلي، والتقويم الختامي النهائي.
- معيار الجهات المعينة بعملية التقويم: الإدارة التربوية على مستوى الوزارة أو إدارة المناهج في الوزارة أو مديريات التربية والتعليم في المناطق أو المدارس.
- معيار القائمين بعملية التقويم: المعلمون والمشرفون والمختصون والخبراء.
- معيار الأدوات المستخدمة في عملية التقويم: بتحليل المحتوى، وبالاستبانات، وبالمقابلات مع ذوي العلاقة، وبالبحوث العلمية.
المرجع
مرعي، توفيق أحمد والحيلة، محمد محمود (2014). المناهج التربوية الحديثة مفاهيمها- عناصرها- أسسها- عملياتها. ط11، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.