JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

النظرية الثقافية الاجتماعية Sociocultural theory

     تخرج "ليفي فايجوتسكي" (Lev Vygotsky) من جامعة موسكو عام 1917 من طلية القانون ودرس معه الفلسفة وعلم النفس والأدب وحصل على درجة الدكتوراة في سيكولوجية الفن، وعمل مدرسًا وباحثًا لعلم النفس إلا أن أعماله منعت من النشر في روسيا حتى عام 1956 ولأسباب سياسية.

    وقال عنه "برونر" (Bruner) أنه أصيل وتمثل أعماله خطوة كبيرة نحو الأمام لفهم العلميات المعرفية، حيث حاول فهم عملية تشكيل العقل من خلال التركيز على عملية النمو، ومثل هذه العملية لا يمكن فهمها بعمق دون الرجوع إلى السياق الاجتماعي الذي يحتضنها.

    وتركزت أعمال فايجوتسكي على الكيفية التي تؤثر فيها الثقافة بما تحتويه من قيم ومهارات واعتقادات وعادات في الأجيال اللاحقة، فالتفاعلات الاجتماعية وتحديدًا التعاون والحوار بين الطفل ومن يفوقونه معرفة من أفراد مجتمعه ضرورية جدًا لإكساب الطفل سلوكياته وطرق تفكيره.

طريقة فايجوتسكي النمائية

    تعد نظرية "فايجوتسكي" (النظرية الثقافية الاجتماعية) نظرية شاملة في نظرتها للنمو، فهي لم تقتصر على مرحلة معينة كمرحلة الطفولة أو المراهقة أو الشيخوخة بل تنظر إليه نظرة شاملة من الولادة وحتى الممات على العكس من العلماء الذين سبقوه.

    ويعتقد أنه من أجل فهم العمليات العقلية العليا وما يطرأ عليها من تغيرات من خلال التعلم والنمو لا بد من تصميم تجارب تمكننا من ملاحظة الأنشطة التي يقوم بها الفردوليس فقط تلك التي يمكن ضبطها بإحكام، وهذا يعني أن تكون النشاطات ملاحظة ومضبوطة في نفس الوقت، ويقترح فايجوتسكي ثلاث طرق لتحقيق ذلك:

  1. إدخال عوائق تمنع تمكن الفرد من حل المشكلات بالطريقة المعتادة، فعندما كان فايجوتسكي يدرس الحديث المتمركز حول الذات كان يطلب من الأفراد الذين يتحدثون بأكثر من لغة أن يقوموا بنشاطات تعاونية مع أفراد آخرين.
  2. تزويد الطلبة بمساعدات خارجية لحل المشكلات، والتي يمكن استخدامها بطرق متنوعة.
  3. الطلب من الأطفال أن ينجزوا مهمات ويواجهوا مشكلات تفوق قدراتهم ومعارفهم الحالية.

أفكار النظرية الثقافية الاجتماعية

    يرى فايجوتسكي أن الأطفال يكتسبون المعرفة ويتعلمون من خلال ثلاث طرق، وهي:

  • إن أي وظيفة للنمو الثقافي للطفل تظهر مرتين، مرة على المستوى الاجتماعي ومرة على المستوى الشخصي أولًا بين الأفراد ومرة داخل الطفل ذاته، مثال ذلك أنه قبل أن يستخدم الطفل التسميع اللفظي من أجل تعلم قائمة من المفردات فإنه يجب أن يحدث تسميع بين الطفل ومعلمه أو والديه.

  • يعتقد فايجوتسكي أن اكتساب المعرفة هي في الأساس عملية اجتماعية تحدث تحت تأثير عملية أخرى تمامًا كالنتائج الطبيعية للعمل في مجال تم اكتشافه من قبل شخص آخر.

  • إن اكتشاف الآخرين والذي أسماه فايجوتسكي بالأداة الثقافية تنتقل إلى الأطفال ضمن السياق الاجتماعي دون اختراق أو كسر أو تعكير صفو سير النشاط.

  • يرى فايجوتسكي أن البشر طوروا أدوات نفسية للسيطرة على سلوكيات الخاصة، وقد سمى الأدوات النفسية التي يستخدمها الفرد للمساعدة في التفكير والسلوك باسم العلامات أو الإشارات، فل يمكن فهم التفكير الإنساني دون اختبار الإشارات، ومن الأمثلة على هذه الأدوات: اللغة، ومحسنات الذاكرة، والكتابة، والنظام العددي.

التفكير في النظرية الثقافية الاجتماعية

    عرف فايجوتسكي التفكير من خلال الأدوات التي تمكن أعضاء المجموعة من مسك الأشياء بسهولة أكثر من غيرها، فالتفكير ينمو طالما أن الفرد يقوم بتذويت الأدوات من خلال تفاعله مع مستخدمي هذه الأدوات.

    والتذويت عملية يتم فيها تبني الفرد للمعايير الاجتماعية  وجزءا من ذاته أو هو تحويل العمليات التي تحدث بين الأشخاص إلى عمليات تحدث داخل الفرد نفسه. 

وبناءً على ذلك فإن التفكير عملية تتمتع بطبيعة اجتماعية تحصل نتيجة التعايش ضمن مجموعة معينة.

    ويقول فايجوتسكي إن العقل موجود في المجتمع الذي يعيش فيه الفرد، ويكون على شكل حكمة ثقافية يتذوتها الطفل من خلال احتكاكه مع الذين يتقنون استخدامها.

ويأخذ التفكير شكل التذويت الداخلي لهذه الأدوات الثقافية؛ لذلك ليس من الصدفة أن يسمى فايجوتسكي كتابه الذي عرض فيه نظريته باسم العقل في المجتمع.

المفاهيم في النظرية الثقافية الاجتماعية

    يرى فايجوتسكي أن الهدف الأساسي للتعليم هو استبدال مفاهيم الأطفال التلقائية (وهي مفاهيم يبنيها الطفل معتمدًا بشكل كبير على خبراته) بمفاهيم علمية (وهي مفاهيم تتميز بالعمومية ومشتقة من الحقائق ومعرفة بطريقة تجريدية ومستقلة عن السياق).

    ويعتقد فايجوتسكي أن المفاهيم التلقائية بعد التعليم الرسمي تبدأ بالزيادة بينما تتناقص المفاهيم العلمية؛ لأن المفاهيم التلقائية تعمل كأساس عقلي يتم من خلاله تمثل المفاهيم العلمية.

    إلا أنه ومع مرور الوقت فإن التمسك بالمفاهيم العلمية يؤدي بالمفاهيم التلقائية لأن تصبح أكثر دقة وعمومية وتجريدًا.

    ويرى فايجوتسكي أنه بدون نمذجة سلوك الراشدين رمزيًا التي تتوسط حل المشكلات عند الأطفال وبدون تعليمهم المفاهيم العلمية فإن تفكيرهم سوف يبقى في مستوى متدن.

الوظائف المعرفية في النظرية الثقافية الاجتماعية

    اهتم فايجوتسكي بنمو خمس وظائف معرفية، هي: اللغة، والتفكير، والإدراك، والانتباه، والذاكرة، إلا أنه لم يقدم وصفًا مفصلًا لطبيعة هذه الوظائف بل اكتفى بتقديم وصف مختصر لها.

    ويرى فايجوتسكي أن اللغة هي الوظيفة الأكثر أهمية؛ لأنها تميزها عن الكائنات الأدنى في السلم التطوري فالحيوانات عندما تحاول حل مشكلة ما فإنها تستخدم سلوكياتها الفطرية أو السلوكيات المعززة سابقًا من البيئة.

    وتساعد اللغة الإنسان على مواجهة المشكلات من خلال كسر العلاقة بين المثير والاستجابة محققًا ضبطًا على البيئة فالرموز من وجهة نظر فايجوتسكي تتوسط المثير والاستجابة، وأما الحيوانات فلا يوجد لديها ما يتوسط المثير والاستجابة.

المهارات العقلية في النظرية الثقافية الاجتماعية

    يرى فايجوتسكي أن المهارات العقلية يتم إتقانها بشكل تدريجي من قبل الأطفال فعندما يتعلم الأطفال مثلا مهارة القراءة فإنهم قد يرتكبون بعض الأخطاء وهو يعتمدون على المعلمين للتصحيح وتقديم المساعدة، وبعد عدد مرات من الممارسة والتغذية الراجعة من المعلم يتوصل الأطفال في نهاية المطاف إلى نقطة يتمكنون فيها من إتقان مهارة القراءة بأنفسهم.

    وحاول فايجوتسكي أن يفهم بداية تطور المهارات المختلفة عند الأطفال والتوصل إلى طريقة يفحص من خلالها الوظائف العقلية التي لم تنضج بعد ولكنها في مرحلة الجنين.

    ويمكن تسمية الوظائف أزهار أو براعم النمو بدلًا من تسميتها ثمار النمو، وقد توصل أخيرًا إلى هذه الطريقة في تحديد هذه البراعم حيث يتطلب وضع الأطفال في مهمات تفوق إمكاناتهم وقدراتهم الحالية.

    ومكنت هذه الطريقة فايجوتسكي من الكشف عن فجوة بين المستوى الفعلي لنمو الطفل كما تقيسه مهام حل المشكلة التي ينجزها الطفل لوحده وبين المستوى الأعلى أو النمو الممكن  كما تقيسه مهام حل المشكلة التي يوجهها الراشدون أو التي ينجزها الطفل من خلال التعاون مع رفاق وزملاء أكثر منه قدرة وخبرة.

    وأطلق فايجوتسكي على هذه الفجوة مصطلح "منطقة النمو الأقرب" فكلمة منطقة هي المسافة التي تفصل أداء الطفل الحالي عن الداء الذي ينبغي أن يكون عليه، وأما كلمة الأقرب فتعي بجانب أو ملاصقًا لــ، فلكي يستفدي الشخص الذي يعمل إلى جانب الأشخاص الأكثر مهارة وخبرة منه فإن عمله يجب أن يظل قريبًا من عمل الماهر أو أن سلوكه يجب أن يكون قريبًا من سلوك ذلك الشخص الماهر.

المرجع

    أبوغزال، معاوية محمود (2014). نظريات النمو وتطبيقاتها التربوية. ط1، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.

author-img

مدونة محمد العمايرة التربوية.

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة