التعلم ظاهرة إنسانية ترتبط بكل مراحل النمو الإنساني، إذ لم تكن قاصرة في مرحلة من المراحل، وهي عملية يبدأ فيها الإنسان بإكتساب مجموعة مختلفة من الكفايات والمهارات والمعارف والاتجاهات.
وتعتبر نظريات التعلم إحدى مساهمات تقدم علم التفس في تفسير أحد الظواهر الإنسانية، وهي ظاهرة التعلم. وبتعدد الاتجاهات بين الناس عمومًا تعددت الاتجاهات في تفسير ظاهرة التعلم الإنساني.
تعريف النظرية
يعرف كيرلنجر (Kerlinger) النظرية بأنها مجموعة من المفاهيم المتفاعلة والتعاريف والافتراضات والقضايا التي تمثل وجهة نظر منتظمة لتفسير ظاهرة ما، وذلك بإيجاد علاقات بين متغيرات بهدف تفسير الظاهرة والتنبؤ بها.
ويعرفها هول وليندزي (Hall & Lindzy) بأنها مجموعة من القناعات أوجدها صاحب النظرية، وهي مجموعة من القضايا والتقارير، بعضها بديهيات وبعضها افتراضات.
أما جريفث (Griffith) فيعرف النظرية بأنها مجموعة من الفروض يمكن عن طريقها وبإستخدام المنطق الرياضي التوصل إلى قوانين تجريبية.
ويعرف فيست (Feist) النظرية بأنها مجموعة من الافتراضات المترابطة التي يمكن ان تستخلص عن طريق الاستدلال العقلي المنطقي واختبار الفرضيات.
ويمكن اعتبار النظرية نسق استنباطي يتكون من مجموعة قضايا يحتل بعضها مكانة المقدمات والمسلمات، ويحتل بعضها مكانة الفروض، ويحتل بعضها الثالث مكانة النتائج العامة أو التعميمات، وهي بمثابة نتائج مستنبطة من ما يتقدمها من فروض.
خصائص النظرية
- يقدم البناء النظري وسائل للتحقق من صحتها.
- تقدم النظرية تفسيرًا متسقًا ملائمًا للحقائق المتصلة بظاهرة معينة.
- تصاغ النظرية بعبارة بسيطة واضحة موجزة قدر الإمكان.
- يتسق بناء النظرية مع الحقائق الملاحظة تمامًا.
- تدفع النظرية إلى اكتشافات جديدة.
مفهوم التعلم
التعلم عملية معرفية داخلية معدة تنطوي على العديد من العمليات، مثل: الانتباه والإدراك والتفكير وحل المشكلات والتذكر، ولذلك فإنه من الصعب الاستدلال على حدوث التعلم إلا من خلال الآثار والنتائج المترتبة على التغير في السلوك الإنساني الداخلي والخارجي.
والتعلم هو المصدر الذي يزود السلوك بعناصر التغيير والتجديد، وهو الوسيلة التي تؤدي إلى تراكم الإنجازات الثقافية والحضارية التي توصل إليها الإنسان منذ القدم وحتى الوقت الحاضر.
والتعلم مفهوم مرتبط بالعمليات النفسية التي يمر بها الإنسان في جميع مناحي الحياة، فهو مفهوما مرتبطًا بالغرفة الصفية؛ بل يحدث خلال تفاعل الإنسان مع جميع نواحي الحياة وفي الصف وخلال شبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل مع الأقران، وحضور المناسبات الاجتماعية.
والتعلم يشمل السلوكيات الخارجية القابلة للملاحظة والقياس المباشر كالسلوكيات الاجتماعية والحركية والسلوكيات الداخلية غير المباشرة كالجوانب المعرفية والانفعالية.
وظيفة نظريات التعلم
يمكن توضيح وظائف نظريات التعلم من أجل تعميق فهمها وهي كالآتي:
- توفر النظرية التعلم اطار نظري للبحث: إن نظرية التعلم الجيدة هي النظرية التي يمكن تطبيقها وتساعد على تصميم بحوث قابلة للاختبار في مواقف تعليمية حقيقية، ويسهل فيها جمع المعلومات واختيار فروضها.
- تنظيم المعرفة: حيث تزود نظرية التعلم الباحثين والدارسين ببنية معرفية منظمة لمفاهيمها التي تشكل صورًا مختصرة للمعلومات والمعرفة المرتبطة بموضوع التعلم.
- تعريف السلوك الإنساني المعقد: وظيفة نظرية التعلم الكشف عن الطرق التي تسهل فهم السلوك البسيط والمعقد، لماذا يقوم المتعلمين بسلوكات دون غيرها في المواقف المحددة، ما قيمة التعزيز، وما تاريخ التعزيز، ما الذي جعل السلوك المحدد يتكرر وسلوكًا أخر ينطفيء.
- إعادة تنظيم الخبرة السابقة: تقوم العلاقات الواضحة الجيدة بإعادة تنظيم الخبرات السابقة في منظومة تفسير العلاقات الواضحة بين الملاحظات التي تم تجميعها، ويكون هذا التنظيم عادة تنظيمًا جديدًا يختلف عما يقوم به الفرد.
- النظريات كنماذج عاملة: إن النظرية الثابتة الدقيقة في النتائج نسيبًا هي النظرية التي تشكل نموذج، وتعتبر هذه الوظيفة من وظائف نظرية التعلم النافعة مكملة لتنظيم الخبرات السابقة في منظومة متكاملة وجديدة.
النظرية الترابيطية
طور ثورندايك (Thorndike) أول نظرية تعلم، والأسس التي بدأ بها كانت تقوم في البداية على التجارب على الحيوانات، وقد صمم أبحاثه ودراساته ليقرر إذا كانت الحيوانات تحل المشكلة خلال عمليات استدلالية أو باستخدام عمليات الرئيسة أكثر.
أجرى ثورندايك تجاربه على الصيصان، والكلاب، والسمك، والقطط والقرود، بينما كان طالبًا في جامعة هارفارد منعه صاحب البيت الذي يسكنه من تربية الصيصان.
تعلم بالمحاولة والخطأ: التعلم يبدأ في كثير من حالاته بهذه الخطوة، لكنها تعمل على استهلاك طاقة المتعلم وجهده قبل الوصول إلى الحل الصحيح، أما إذا اعتبر فبدأ فإن ذلك لا يقود إلى تعلم مناسب، بدليل أن المحاولة الصحيحة هي جملة من المحاولات المتعددة، إذ أحيانًا يتعب المتعلم قبل الوصول إلى الحل الصحيح، ويمكن أن يترك التعلم قبل الوصول إلى نتيجة.
ظهر التعلم لدى ثورندايك على صورة قوانين، وهي: قانون الأثر، وقانون التكرار، وقانون الإستعداد.
- قانون الأثر: ينص على أن حالات الاشباع التي تحققها العضوية والتي تتبع الاستجابة تعمل على تقوية الرابطة بين المثيرات والسلوك، بينما الآثار المؤلمة الناتجة والملحقة بالاستجابة فإنها تضعف الرابطة، وعّدل هذا القانون فيما بعد حيث توصل إلى أن نتائج العقاب لا تساوي في أثرها نتائج الثواب في التعلم.
- قانون التكرار: والذي يمكن التمثيل عليه بالمثل الذي يقول " إن التكراريؤدي إلى الكمال"، إن تكرار الخبرة يؤدي إلى زيادة احتمالية ظهور الاستجابة الصحيحة، مع أن التكرار في غياب حالة الاشباع سوف لا يؤدي إلى زيادة وتقوية التعلم.
- قانون الاستعداد: يصف هذا القانون الحالات التي تحقق فيها العضوية الإشباع أو الإزعاج، حيث أن الاستجابة التي تقوي هي الاستجابة التي يتم فيها عملية الإشباع لدافع أو رغبة، بينما إجبار العضوية على العمل حينما لا يتوفر لديها الاستعداد فإن ذلك يزعجها.
النظرية الجيشتالتية
ركزت النظرية الجيشتالتية على أهمية العمليات العقلية، والقاعدة لهذه النظرية بأن الإراد يتفاعلون مع الكل ذا المعنى المحدد.
والجشتالت حالة ذهنية تكمن في المتعلم، فهو مدفوع لأن يضع الأشياء مترابطة معًا بصورة كلية مترابطة حتي يسهل عليه إدراكها.
مفهوم الجشتالت: الكل، الكشل الكلي، إن مجموع الأجزاء لا يساوي الكل. إن الحروف العربية لا توصل إلى كلام أو جمل، إن الحروف لا تساوي الكلمة، فالكلمة أولًا ثم الحروف.
فرضية الجيشتالت: يولد الطفل كلًا متكاملًا، وأحسن خبرة تقدم له لا بد أن تقدم له بطريقة كلية متكاملة، فالخبرة الكلية أولًا، ثم مجموع الأجزاء أو وضعها معًا للوصل إلى الكل.
هناك قوانين أساسية تحكم التنظيم الادراكي للمثيرات الموقفية، وقد تم تعريفها كل قانون يصف خاصية للمجال البصري التي تؤثر في عملية الادراك، وهذه الخصائص هي:
الاقتراب، التشابه، الاتجاه المفتوح، البساطة، إن العناصر الأقرب إلى بعضها البعض، وتشترك من مثل اللون (المشابهة)، وإن ميل العناصر لاعلى الشكل (الاتجاه المفتوح)، والاسهام في عناصر المثيرات لتشكيل تركيب كلي بسيط (البساطة) هي عوامل تحكم ادراك المجموعات المنفصلة.
المراجع
العتوم، عدنان يوسف والجراح، عبدالناصر ذياب والحموري، فراس أحمد (2017). نظريات التعلم. ط2، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
قطامي، يوسف محمود (2005). نظريات التعلم والتعليم. ط1، عمان: دار الفكر ناشرون وموزعون.