يهتم منحى التحليل النفسي بالقوى اللاشعورية التي تحرك السلوك، وقد نشأ هذا المنحى في بداية القرن العشرين عندما قام طبيب نمساوي اسمه " سيجموند فرويد" (Freud Sigmund) بتطوير ما يسمى التحليل النفسي، وهو اتجاه علاجي يهدف إلى زيادة تبصر الفرد ووعيه بصراعاته الانفعالية واللاشعورية.
بدأ فرويد طبيبًا ثم أصبح مهتمًا بعلم الأعصاب ودراسة الدماغ والاضطرابات الانفعالية، حيث طور نظرية في تطور الشخصية مستندًا في ذلك إلى بعض الحالات المرضية.
ويعتقد فرويد أن شخصية الإنسان تتشكل في سنوات الطفولة المبكرة، عندما يتعامل ويختبر الفرد مجموعة من الصراعات بين الدوافع البيولوجية الجنسية الفطرية، ومتطلبات المجتمع حيث تحدث هذه الصراعات في ترتيب محدد حسب مراحل التطور النفسي الجنسي.
تعريف نظرية فرويد
تعرف نظرية فرويد أو نظرية التحليل النفسي بأنها نظرية تركز على كيفية إدارة الوالدين للدوافع الجنسية والعدوانية خلال السنوات الأولى المبكرة معتبرة هذه الأدارة مسألة حاسمة في النمو الصحي لشخصية الطفل.
وتركز نظرية التحليل النفسي على أهمية خبرات الطفولة المبكرة والدوافع اللاشعورية، وأثر كل منها في السلوك الإنساني.
ويعتبر اللاشعور عبارة عن عمليات ليست في متناول وعي الفرد وإدراكه لما يتركه الاعتراف بها من تهديد وقلق كبيرين.
مكونات الشخصية
يرى فرويد أن الشخصية الإنسانية تتكون من ثلاثة أجزاء، وهي:
- الهو Id
هو منبع الطاقة البيولوجية والنفسية التي يولد الفرد فرودًا بها فهو يضم الدوافع الفطرية الجنسية والعدوانية، والتي ترجع إلى ميراث النوع البشري كله أي إلى طبيعة الإنسان الحيوانية قبل أن يتناولها المجتمع بالتهذيب والتحوير.
فالطفل الرضيع هو محض يصرخ ويرفس ويبكي ويتبول متى شاء وحيث شاء وكيف شاء، والهو يسير طبقًا لمبدأ اللذة أي يندفع إلى إشباع دوافعه اندفاعًا عاجلًا كاملًا بكل صورة وبأي ثمن.
- الأنا Ego
هو جانب من الشخصية يتكون بالتدريج من اتصال الطفل بالعالم الخارجي الواقعي عن طريق حواسه، فالطفل الصغير يرى اللهب جذابًا فيلمسه فيشعر بالألم فيتعلم أن يتجنب اللهب، وكذلك يتعلم عن طريق السمع.
ويتكون الأنا وينمو بتأثير الخبرات المؤلمة والتربية واللعب فيقلل من غلو الهو واندفاعه ويعمل على ضبطه وتوجيهه، وهو جهاز الإشراف والضبط على ما نأتيه من أفعال فهو مشرف على الجهاز الحركي الإرادي، وعن طريق تحقيق الدوافع.
وللأنا وجهين وجه يطل على الدوافع الفطرية الغرزية في الهو، وآخر يطل على العالم الخارجي عن طريق الحواس ووظيفته هي التوفيق بين مطالب الهو وبين الظروف الخارجية.
- الأنا الأعلى Super Ego
هو لاشعوري إلى حد كبير وحيث أنه يتكون ويكتسب أثناء الطفولة لذا يكون أثره عميق باقٍ في حياته كلها، وكما ينمو الضمير ويتطور كذلك يتوقف نموه فإن تعطل نموه ظل متصفًا بصفات طفلية منها القسوة ومجافاة المنطق.
ومن حيث تكوينه فهو جملة من القيم والمعايير والمعتقدات والمبادئ الأخلاقية التي يستخدمها الفرد في الحكم على دوافعه وسلوكه.
وهو من حيث وظيفته هو جانب الشخصية الذي يوجه وينفذ ويوقع العقاب، فهو سلطة تشريعية قضائية تنفيذية في وقت واحد.
وأما من حيث قوة محركة فيمكن تعريفه بأنه استعداد لاشعوري دافع مانع رادع قائم على أساس من الخوف والحب والاحترام.
مراحل نمو النفسي الجنسي
توصل فرويد إلى نظريته في تحديد النمو النفسي الجسمي، والذي يتمثل في المراحل الآتية:
- المرحلة الفمية: وهي تستغرق السنة الأولى من حياة الطفل، ويكون الفم هو المنطقة الشهوية، ويكون تحقيق الإرضاء عن طريق المص.
- المرحلة الأستية: وهي المرحلة تمتد من سن سنتين إلى ثلاث سنوات حيث تكون الأغشية في المنطقة الأستية هي مصدر اللذة.
- المرحلة القضيبية: وهذه المرحلة تمتد من سن أربع سنوات إلى ست سنوات، حيث يكون لمس الأعضاء التناسلية هو مصدر الأحساس باللذة.
- مرحلة الكمون: وهي تبدأ من أواخر السنة السادسة إلى الثانية عشرة تقريبًا، حيث تقل أهمية الدوافع الجنسية، وينشغل الطفل بتعلم المهارات والمعارف الجديدة.
- المرحلة التناسلية: حيث المراهقة وما بعدها بحيث تحصل أعمق مشاعر اللذة من العلاقات الجنسية الغيرية، ومن الناحية المثالية فإن المرحلة التناسلية تبلغ قمتها بالزواج وممارسة العلاقات الجنسية مع الشخص المحبوب، وتربية الأطفال نتاج هذا الحب وعلاقته.
وسائل الدفاع الأولية
تعرف وسائل الدفاع الأولية بأنها أدوات عقلية تحرِّف الواقع للتخفيف من حدة التوتر النفسي، وتستخدم لاشعوريًا، وهي استراتيجيات يستخدمها الأنا ليحمي نفسه من الاضطراب والتحرر من التوتر، ومن أشهر هذه الوسائل:
- الكبت: تُستخدم هذه الوسئلة للتعامل مع الخبرات المؤلمة، والنزوات غير المقبولة بزجها إلى العقل اللاشعوري، إلا أن هذه النزوات والخبرات تستمر بتسبيب الصراعات والأعراض العصبية، وتمارس تأثيرًا قويًا وفاعلًا في سلوكياتنا.
- النكوص: العودة إلى الأشكال الطفولية المبكرة من السلوك عند مواجهة الفرد للقلق، وعدم القدرة على حل المشكلات التي تواجهه، ومثال ذلك عودة الطفل إلى تبليل الفراش أو مص الإبهام عندما يتعرض إلى نقد الآخرين.
- التسامي: استبدال السلوكيات غير المقبولة بسلوكيات مقبولة اجتماعيا، ومثال ذلك الشخص الذي يشعر بالغضب الشديد والعدوانية يشارك في أندية رياضية كالملاكمة والمصارعة لتفجير هذه النزعات إلا أنه الآن يعبر عنها بطريقة يرضى بها ويقدرها المجتمع.
- الإبدال: نقل الانفعالات القوية من مصدر الإحباط، وصبها أو تصريفها على شخص أو موضوع آخر (كبش فداء)، ومثال ذلك قيام الطفل بصب جام غضبه على قطته الصغيرة، بينما يكون مصدر الغضب الرئيسي هو الأب.
- الإنكار: حماية الذات من القلق برفض الاعتراف بالموقف الموجود، ومثال ذلك رفض الطفل الصغير الاعتراف بوفاة أمه قائلًا بأنها سوف تعود قريبًا.
- التكوين العكسي: تصرف الفرد بشكل معكس تماما لما بشعربه لإخفاء مشاعره ورغباته غير المقبولة، ومثال ذلك مبالغة الطفل بالنظافة في حين يكون ميالًا لاشعوريًا إلى الأوساخ والقاذورات.
- التبرير: للتخلص من الشعور بالقلق والتهديد عند قيام الفرد بسلوك غير مقبول من خلال إيجاد تسويغ ومبررات لذلك السلوك؛ أي إعطاء سبب منطقي ومقبول اجتماعيًا للسلوك الذي نشأ أصلًا من سبب غير مقبول، ومثال ذلك المقولة الشهيرة " الذي لا يستطيع أن يحصل على العنب يقول عنه ما زال حُصرمًا".
- التعويض: التغلب على مشاعر الضعف والنقص في مجال ما بإحراز التفوق في مجال آخر، وبمعنى آخر إخفاء الصفة غير المستحسنة من قبل الشخص تحت صفة أخرى مستحسنة والمبالغة في تضخيمها.
- الهروب: الابتعاد عن مسرح الخبرة غير المريحة تمامًا، وقد يكون الهروب جسيمًا، وقد يكون نفسيًا كما هو الحال في أحلام اليقظة عندما يكون التحضير للامتحان صعبًا.
- الإسقاط: نسب الصفات غير المرغوبة عن الشخص وإلصاقها بأشخاص آخرين، ومثال ذلك الشخص البخيل يتهم غيره بالبخل.
المراجع
أبو غزال، معاوية محمود (2014). نظريات النمو وتطبيقاتها التربوي. ط1، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
ربيع، محمد شحاته (2013). علم نفس الشخصية. ط1، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.