ظهر مصطلح الهيمنة الدماغية (Cerebral dominance) مع بداية السبعينيات من القرن الماضي نتيجة إختلاف الزوايا التي تناول منها الباحثون والعلماء الفروق الوظيفية بين نصفي المخ.
ويعود مصطلح الهيمنة الدماغية إلى عالم الأعصاب جون جاكسون (John Jackson) بفكرته عن الجانب القائد من الدماغ، ويعتبر هذا المفهوم الأصل الذي إشتُق منه مفهوم الهيمنة الدماغية،إذ عبر عن ذلك بقوله: أن نصفي الدماغ لا يمكن أن يكونا مجرد تكرارا لبعضهما البعض.
تعريف الهيمنة الدماغية
عرفها نيد هيرمان (Ned Herrmenn) بأنها: ميل الفرد إلى الإعتماد على أحد أرباع الدماغ أكثر من إعتمده على الأرباع الأخرى مُقاسة بعدد الدرجات التي يُحققها على كل ربع أو قسم من الدماغ على مقياس نيد هيرمان للهيمنة الدماغية.
ويرى محمد عبدالرحمن الشقيرات أن الهيمنة الدماغية مفهوم اللاتماثل بين نصفي الدماغ، ويشير إلى الفروق الفسيولوجية والمورفولوجية بين النصف الأيمن والنصف الأيسر.
ويعرفها عبدالحميد جاب بأنها ميل أحد النصفين الكرويين إلى السيطرة في أداء جميع الوظائف مما يؤدي إلى تفضيل إستخدام أحد جانبي الدماغ، وتدعى أيضا بالسيطرة أو الهيمنة الجانبية.
وتعرفها أمينة منصور الحطاب بأنها: سيطرة أحد جانبي الدماغ لدى الأفراد الذي يمكن أن يعبر عن نفسه على شكل أسلوب معين يتبناه الفرد في عملية التعلم والتفكير.
ويعرفها أحمد العلوان وموفق بشارة بأنها تميِّز أحد أنصاف الدماغ بالتحكم في سلوكات وتصرفات الفرد أي ميل الفرد إلى الإعتماد على أحد نصفي الدماغ أكثر من الآخر.
أقسام الهيمنة الدماغية
تقسم الهيمنة الدماغية عند الأفراد على النحو الآتي:
- العلوي الأيسر (A)
ويعني درجة تفضيل الفرد للأنشطة التي تتطلب معلومات تستند إلى الحقائق والمنطق والتحليل، وتقاس بمجموع الدرجات التي يحصل عليها الفرد نتيجة تطبيق المقياس، وذلك على الفقرات التي ترتبط بوظائف هذا الجزء.
- السفلي الأيسر (B)
ويعني درجة تفضيل الفرد للأنشطة المخططة جيدًا والمتسلسلة والمنتظمة والمعلومات التفصيلية، وتقاس بمجموع الدرجات التي يحصل عليها الفرد نتيجة تطبيق المقياس، وذلك على الفقرات التي ترتبط بوظائف هذا الجزء.
- السفلي الأيمن (C)
ويعني تفضيل الفرد للأنشطة المستندة إلى العواطف والإنفعالات والمشاعر، وتقاس بمجموع الدرجات التي يحصل عليها الفرد نتيجة تطبيق المقياس، وذلك على الفقرات التي ترتبط بوظائف هذا الجزء.
- العلوي الأيمن (D)
ويعني تفضيل الفرد لأنشطة التفكير التي تستند إلى المفاهيم والنظرة الكلية، وتقاس بمجموع الدرجات التي يحصل عليها الفرد نتيجة تطبيق المقياس، وذلك على الفقرات التي ترتبط بوظائف هذا الجزء.
نظريات الهيمنة الدماغية
هناك عدة نظريات فسرت الهيمنة الدماغية لدى الإنسان، ومن أهمها:
نظرية التقسيم الثنائي
أثبت العالم الأمريكي روجر سبيري ( Roger Sperry) بالبحث أن لكل من نصفي الدماغ الأيمن والأيسر عمل خاص به، فوجد أن النصف الأيمن مسؤول عن التمييز بين الأشكال والتذوق والإبداع والإحساس بالجمال، وأما النصف الأيسر فمسؤول عن الإدراك والتحليل والإتصال خاصة لغة الكلام.
وتفترض نظرية سبيري وجود دماغين أيمن وأيسر، وتتم في كل منهما أشكال التفكير، حيث نال جائزة نوبال للطب عام (1981) تقديرًا لدراساته الجليلة في المخ وشقيه.
فالمخ عنده شِقّان أو قسمان مختلفان عملًا أنما مرتبطان بجسور أهمها الجسم الكانب وهي حزمة غليظة من (200) مليون وتر تقريبًا، ويقدر الخبراء أن كل وتر يطلق (20 ) نبضة كهربائئية في الثانية مما يدل على ضخامة المعلومات المتبادلة بين الشقين، وهذه الجسور بين الشقين الشق الشمال مقر الكلام، والشق اليمين مقر البلاغة والخيال.
نظرية الدماغ الثلاثي
أوضح بول ماكلين (Paul Maclean) في السبعينيات من القرن الماضي أن دماغ الإنسان يتكون من ثلاثة أدمغة، وهي:
- دماغ الزواحف: ويختص بالحاجات البيولوجية الطعام والشراب والأمن.
- دماغ الثدييات: ويختصص بالشعور، والمهارات اللطيفة والشم والتذوق والإنفعال.
- الدماغ الإنساني العاقل: ويختص بالتفكير والتصور والتعلم.
وقد إهتمت النظرية الثلاثية بالدماغ وتفسير حدوث التفكير والتعلم، وتفترض هذه النظرية ثلاثة أدمغة متداخلة، وفي كل جزء يتم التعلم بطريقة معينة، فهناك:
- الدماغ العقلاني -التبريري.
- الدماغ المتوسط.
- الدماغ الفطري.
نموذج نيد هيرمان
قام نيد هيرمان (Ned Herrmann) بتقسيم الدماغ إلى أربعة أرباع، وهذا إنتقال من العلم إلى الرمز ليصبح الدماغ رباعي التكوين، وأعطى لكل مربع إسمًا ولونًا ومواصفات، وهذه الأقسام هي:
- القسم العلوي الأيسر (A): يقوم بالوظائف الآتية: تحليل، حقائق، بيانات، أرقام، تركيز، تقييم نتائج.
- القسم العلوي الأيمن (D): يقوم بالوظائف الآتية: تفكير استراتيجي، تفكير إبداعي، نظرة شاملة، تصورات، إستشكاف، خيارات متعددة، تجارب، إبتكار.
- القسم السفلي الأيسر (B): يقوم بالوظائف الآتية: تخطيط تشغيلي، تنفيذ، ترتيب، إدارة الوقت، انضباط، تفاصيل.
- القسم السفلي الأيمن (C): يقوم بالوظائف الآتية: علاقات مع الآخرين، مشاعر، عواطف، رعاية، إهتمام بالوالدين.
أنماط الهيمنة الدماغية
- النمط الخارجي أو الجزء الأيسر العلوي من الدماغ، ويرمز له بالرمز (A)، ويتسم بالخصائص الآتية:
- يحب العمل مع الحقائق.
- يعالج المشكلات بطرق تخضع إلى المنطق والعقلانية.
- يميل إلى التعامل باللغة والأرقام.
- يهتم بالتعامل مع التقنيات.
- يفضل تحليل الحقائق.
- النمط الإجرائي أو الجزء الأيسر السفلي من الدماغ، ويرمز له بالرمز (B)، ويتسم بالخصائص الآتية:
- يتبع إجراءات ومعايير محددة في عمل الأشياء.
- مقيد ويتحكم في مشاعره نحو الآخرين.
- يميل إلى الاستمرارية في الأفكار.
- يهتم بالمحتوى المحدد والمبني بشكل جيد.
- يتجنب المخاطر ويفضل العمل في البيئة الآمنة.
- ينجز المهمات بالوقت المحدد.
- النمط التفاعلي أو الجزء الأيمن السفلي من الدماغ، ويرمز له بالرمز (C)، ويتسم بالخصائص الآتية:
- متعاطف ولديه حدس تجاه الناس.
- ينزع إلى الحقائق والتجارب التي لها جذور عاطفية.
- له القدرة على استعمال اللغة الرمزية وغير الشفوية.
- يعالج المشكلات بطريقة عاطفية.
- النمط الداخلي أو الجزء الأيمن العلوي من الدماغ، ويرمز له بالرمز (D)، ويتسم بالخصائص الآتية:
- يفهم الصورة الكلية دون الرجوع إلى العناصر الجزئية للفكرة.
- يفضل التغييرويحاول تجريب الأشياء الجديدة.
- لا يقتنع بسهولة.
- يستمتع بكونه مشغولًا بأشياء عديدة في الوقت نفسه.
- لديه خيال.
- يستمتع بالمخاطر والتحديات ولديه حساسية تجاه المشكلات الجديدة.
- قادر على إعادة ترتيب الأفكار ووضعها مع بعضها البعض بطرق وتراكيب غير مألوفة.
- لا يميل إلى عمل الأشياء دائما بالطريقة نفسها.
- لا يميل إلى الالتزام بالقوانين.
- يعتمد على الإحساس والعاطفة وليس على المنطق في مواجهة المشكلات.
المرجع
عبدالقادر، إسماعيلي يامنة وصابر قشوش (2015). الدماغ والعمليات العقلية - الانتباه- الإدراك- التفكير- التعلم والذاكرة. ط2، عمان: دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.