يمثل المحتوى العنصر الثاني من عناصر المنهاج المدرسي، فبعد أن يتم وضع أهداف المنهاج بدقة، فإن عملية اختيار المحتوى المناسب الذي يعمل على تحقيق تلك الأهداف تصبح من المهام الرئيسية لمخططي المنهاج.
ومكانة المحتوى نابعة من مكانة الكتاب المدرسي نفسه لكونه يترجم المكونات الأربعة الأساسية للمنهاج: الأهداف، والمحتوى، والأنشطة والوسائل، والتقويم، ويعد محتوى الكتاب المدرسي المصدر الرئيس للمعلومات والمعارف التي تقدم للمتعلمين.
مفهوم تحليل المحتوى
يُعرف تحليل المحتوى بأنه أسلوب بحث علمي منظم يهدف من جمع البيانات وصف المضمون الظاهر لمادة الاتصال، ويدرسها دراسة كمية دقيقة، وتوضيح العلاقة بين العناصر الظاهرة لتلك المادة، ويتحقق ذلك من خلال وضع خطة علمية واضحة تستوفي جميع عناصر الموضوع، وتقوم على دراسة الظاهرة إحصاءً واستقراءً وربطًا واستنتاجًا وتفسيرًا.
ويُعرف أيضًا بأنه أسلوب أو أداة للبحث العلمي يمكن أن يستخدمها الباحثون في مجالات بحثية متنوعة لوصف المحتوى الظاهر والمضمون للمادة المراد تحليلها.
أهداف تحليل المحتوى
لتحليل المحتوى أهدافًا تختلف باختلاف طبيعة المجال الذي يجري فيه، ويمكن تحديد أبرز أهداف تحليل المحتوى في المجال التربوي بما يلي:
- تعرّف ماهية المحتوى ومكوناته من أفكار ومفاهيم ومبادئ واتجاهات ومهارات.
- تحسين نوعية الكتب المدرسية، والمواد التعليمية، ورفع كفاياتها اللازمة لتحقيق الأهداف التربوية.
- اكتشاف جوانب الكفاية والقصور في محتوى الكتب المدرسية.
- تقديم العون لمؤلفي الكتب والناشرين والمعنين بإعداد الكتب المدرسية عن طريق تزويدهم بما ينبغي تضمينه في المحتوى.
- تحديد أنماط التفكير والمهارات العقلية التي ينميها الكتاب المدرسي.
- إجراء موازنة بين المحتوى وحاجات المتعلمين وميولهم.
- تحليل الخصائص اللغوية أو الدلالية للرموز الواردة في النصوص.
كما أن تحليل المحتوى يمكن أن يساعد في اشتقاق الأهداف التدرسية، واختيار استراتيجيات التدريس التي تساعد المعلم في بناء الاختبارات.
أهمية تحليل المحتوى
ويقصد بها بيان الجوانب التطبيقية التي يتوقع أن تخدمها نتائج تحليل المحتوى، بمعنى ترجمة ما ينتهي إليى التحليل من نتائج إلى برامج عمل، وإلى إجراءات، وأساليب تتوخى في نهاية المطاف التطوير.
وبالإضافة إلى أن تحليل المحتوى يمكن أن يقدم حلًا لمشكلات مختلفة، ويساعد في اتخاذ القرار، ويجيب على أسئلة كثيرة تتعلق بالمحتوى المراد تحليله.
خطوات تحليل المحتوى
تتضمن عملية تحليل المحتوى الخطوات الآتية:
- الخطوة الأولى: تعريف بالمجال الذي يتم فيه التحليل.
- الخطوة الثانية: تحديد أهداف نوعية يسعى التحليل لتحقيقها.
- الخطوة الثالثة: تصنيف المضمون إلى أقسام.
- الخطوة الرابعة: تعريف أقسام المضمون.
- الخطوة الخامسة: تحديد وحدة التحليل.
- الخطوة السادسة: تحديد تكرارات ظهور وحدة التحليل في التحليل.
- الخطوة السابعة: تحديد صدق التحليل.
- الخطوة الثامنة: تحديد ثبات التحليل.
فئات تحليل المحتوى
يقصد بفئة التحليل مجموعة الكلمات ذات المعنى متشابه أو تضمينات مشتركة، وتعرف أيضًا بأنها العناصر الئيسة أو الثانوية التي يتم وضع وحدات التحليل فيها (كلمة، موضوع، قيم، ...) والتي يمكن وضع كل صفة من صفات المحتوى فيها، وتصنف على أساسها.
ويعد تحديد فئات التحليل من العوامل الئيسة التي يقوم عليها نجاح عملية تحليل المحتوى لما يترتب عليها من نتائج الأمر الذي يوجب على الباحث أن يوليها عناية كبيرة، ولا توجد فئات نمطية جاهزة للاستخدام في كل بحث، إنما تخضع الفئات وتحديدها لطبيعة البحث وأهدافه ومتطلباته، ونوع التحليل، وطبيعة الموضوع.
وعلى سبيل المثال يمكن تحليل المحتوى وفق المفاهيم فتكون فئة التحليل المفاهيم، أو أن يكون التحليل وفق مبادئ النظرية البنائية فتكون فئة التحليل مبادئ النظرية البنائية.
وحدات تحليل المحتوى
تُعني تقسيم موضوع التحليل على وحدات محددة بدقة، ووضوح، وحساب تكرارات كل وحدة من هذه الوحدات في النص.
وقد أشار الكثير من المعنين بأسلوب تحليل المحتوى إلى أن هناك خمس وحدات رئيسة يمكن أن يستخدمها الباحث في تحليل المحتوى بحسب طبيعة البحث وأهدافه، وهذه الوحدات هي:
- وحدة الكلمة: وتعد أصغر وحدة من وحدات التحليل، وقد تكون مصطلحًا، مثال: تحليل المفاهيم العلمية في كتاب العلوم للصف السابع الأساسي.
- وحدة الفكرة أو الموضوع: وتعد من أهم الوحدات، وأكبرها لانها لا تكون كلمة إنما جملة أو عبارة تتضمن الفكرة التي يدور حولها التحليل وتعبر عنها.
- وحدة الشخصية: تستخدم في تحليل القصص والروايات والسير والكتب التاريخية، والشخصيات قد تكون سياسية، أو تاريخية.
- الوحدة الطبيعية للمادة: ويطلق عليها وحدة المفردة، ويقصد بها وحدة المادة التي يقوم الباحث بتحليلها كاملة، وعلى هذه الأساس فعندما يقوم الباحث بتحليل كتاب ما يعتبر الكتاب وحدة التحليل بمعنى أن محتوى الكتاب يعد ظاهرة، وأن حساب تكرار الظاهرة يتم بعدّ الكتب التي وردت فيها تلك الظاهرة.
- وحدة المساحة والزمن: ويستخدم هذا النوع من الوحدات عندما يريد الباحث تعرف المساحة التي شغلتها المادة المنشورة في الكتب أو الصحف أو غيرها من المواد المكتوبة، ويستخدم لذلك وحدات قياس، كعدد الصفحات أو الأسطر. ويستخدم وحدة الزمن إذا ما أراد أن يعرف الزمن الذي استغرقه الموضوع.
أداة تحليل المحتوى
يقصد بأداة التحليل الاستمارة التي يصممها الباحث لجمع البيانات، ورصد تكرار الظواهر في المادة التي يتم تحليل محتواها، ولإعداد الأداة فوائد كثيرة من أهمها:
- أنها تساعد الباحث على استيفاء عناصر التحليل.
- أنها تساعد الباحث على اتباع نظام واحد في تحليل البيانات.
- أنها تساعد الباحث في رصد تكرار الظواهر عدديًا، وبذلك يمكن توظيف البيانات بأكثر من وسيلة، ولتحقيق أكثر من هدف.
- أنها تساعد الباحث على التحليل السريع لمحتوى أكثر من مادة أو كتاب، فيختصر الوقت والجهد.
خصائص تحليل المحتوى
من أهم خصائص تحليل المحتوى ما يلي:
- أنه أسلوب للوصف: ويعني الوصف تفسير الظاهرة كما تقع، حيث يقتصر دور الباحث على تصنيف المادة التي يحللها إلى فئات مسجلًا لكل فئة خصائصها، ومستخرجًا السمات العامة التي تتصف بها.
- أنه أسلوب موضوعي: والموضوعية صفة تعني النظر إلى الموضوع نفسه دون تأثير من الباحث.
- أنه أسلوب منظم: ويعني ذلك أن يتم التحليل في ضوء خطة عملية تتضح فيها الفروض، وتتحد على أساسها الفئات، وتتبين من خلالها الخطوات التي مر بها التحليل.
- أنه أسلوب كمي: ترجمة الملاحظات إلى أرقام عددية أو تقديرات كمية، ورصد مدى تكرار كل ظاهرة تبدو في الكتاب موضوع الدراسة.
- أنه أسلوب علمي: إن تحليل المحتوى أسلوب من أساليب البحث العلمي لا يق في ذلك قدرًا عن غيره من الأساليب.
- أنه يتناول الشكل والمضمون: ويقصد بالمضمون ما تنقله الأداة من أفكار ومعارف وحقائق إلى متلق معين.
- أنه يتعلق بالنص: يهتم تحليل المحتوى بدراسة المضمون الظاهر لمادة الاتصال وتحليل المعاني الواضحة التي تنقلها الرموز المستخدمة.