تعريف دروة التعلم
تعد استراتييجية دورة التعلم في التدريس تطبيقًا عمليًا لما تضمنته نظرية بياجيه في النمو المعرفي من أفكار تربوية؛ حيث إن التعلم عملية نشطة يجربها الفرد بنفسه، فهو يجرب ويبحث وينقب عن المعرفة بنفسه، ويقارن بين ما توصل إليه بنفسه وبين من توصل إليه زملاؤه من نتائج.
وهي مهمة لجملة من الأمور منها محورية دور المتعلم، واعتمادها على ممارسة مهارة
الاستقصاء لديه، وتحويل دور المعلم إلى مُيسّر وموجه للعملية التعليمية، ومدربًا
ومصممًا ومطورًا للمادة الدراسية.
تقوم دورة التعلم على مبدأ النموذج الاستقصائي، وأن استخدامها في تدريس العلوم يعزز في توفير بيئة الاستقصاء العلمي التي تجعل المتعلم يقوم بالتحري والاستقصاء والبحث، كونه محور العملية التعليمية.
يمارس العديد من الأنشطة ويفكر
ويبحث عن المعرفة ليعالجها وليكون بُنية معرفية تقوم على أساس منظومة متداخلة
ترتبط فيها عناصر المعرفة من مفاهيم وقواعد وقوانين بعلاقات تكسبها قوة ومعنى،
وربط التعلم السابق بالحالي.
وتعرف بأنها: إجراءات تعليمية تعلمية بنائية تتكون من خمس مراحل، يستخدمها
المعلم لمساعدة المتعلم في التفاعل مع المواقف التعليمية.
مراحل دورة التعلم الخماسية
تتكون مراحل دورة التعلم الخماسية من خمس مراحل، وهي كالآتي:
مرحلة الاندماج:
تؤكد هذه المرحلة على توليد وإثارة دافعية المتعلم، تحفيزه، ويكون دور المعلم خلق الإثارة وتشجيع التنبؤ، وطرح أسئلة مثيرة للتفكير.
وكشف ما لديه من
خبرات سابقة، بينما يكون دور المتعلم اقتراح الإجابات والفرضيات المتعددة.
مرحلة الاستشكاف:
تؤكد على الخبرات الحسية، وإعطاء المتعلم الفرصة للعمل بأقل توجيه من المعلم، ويكمن دور المعلم بمساعدة المتعلم لتوليد أسئلة من خلال الملاحظة والمراقبة، ومسؤول عن تقديم التوجيهات والمواد المناسبة للمتعلم حول المعرفة المراد إستشكافها، بمعنى دور المُيسّر.
وفي هذه المرحلة يصل المتعلم إلى حالة عدم
الإتزان المعرفي؛ مما يدفعه لإختبار التنبؤات والفرضيات، وإختيار البدائل
ومناقشتها مع أقرانه، وتسجيل الملاحظات والأفكار، ويكون نشاط المتعلم في إكتشاف
المعرفة من خلال قيامه بسلسلة من العمليات، مستثمرًا المواد والتوجيهات المتاحة
لجمع البيانات بوساطة خبرات حسية حركية لإدراك معنى المعرفة التي يدرسها.
مرحلة التفسير:
تهتم بإيجابية المتعلم للتوصل إلى المعرفة، ويكون الدور مشترك بين المعلم والمتعلم، لمناقشة الإجابات وتعزيز الصحيح منها.
ويشجيع المعلم المتعلم على تفسير المعرفة بإسلوبه الخاص وتوضيح تفسيراته والإستماع لتفسيرات الآخرين وتقييمها.
مرحلة التوسع:
تدعو هذه المرحلة إلى تطبيق المعرفة في مواقف جديدة، واستخدام التعريفات الشكلية مع تذكيره بالتفسيرات البديلة والبيانات والأدلة المطروحة لإستشكاف المواقف الجديدة؛ لأن المتعلم يجب أن يستخدم المعرفة السابقة لطرح الأسئلة وإقتراح الحلول وإتخاذ القرارات وعمل التجارب وتسجيل الملاحظات.
ويكمن دور المعلم بإعطاء وقتًا
كافيًا للمتعلم لكي يطبق ما تعلمه في مواقف أكثر تقدمًا، وربط المعرفة مع المعارف
الأخرى ذات المستوى نفسه أو بمستوٍ أعلى.
مرحلة التقويم:
تحديد درجة تقدم المتعلم نحو الأهداف المرجوة بمتابعة وملاحظة المعلم لمعرفة المتعلم وتطبيقه للمعرفة المتقدمة، ومقدار التغير في التفكير، ويقوم المعلم بطرح أسئلة تشجع على التقصي والإستشكاف، ويكون دور المتعلم الإجابة التي تثبت تعلمه ومدى تحقيقه للأهداف.
أهمية دورة التعلم
تكمن أهمية دورة التعلم الخماسية بأنها تقدم بعض المزايا، ومن أبرزها:
- تراعي القدرات العقلية للمتعلم، فتقدم له المعرفة التي تناسبه ويستطيع فهمها والتفاعل معها.
- تقديم المعرفة وفق مبدأ: أن يسير التعلم من الجزء إلى الكل.
- تدفع المتعلم للتفكير من خلال فقدان الإتزان المعرفي؛ والذي يصبح الدافع الرئيس نحو البحث عن المزيد من المعرفة العلمية.
- تهتم بتنمية مهارات التفكير لدى المتعلم.
- تقدم فرص تعلم تواكب التوجيهات المعاصرة.
ومن خلال ما سبق تظهر الأهمية البالغة لدورة التعلم الخماسية؛ لما تكشف وتنمي مهارات وتفكير المتعلمين، ووتضعهم في حالة تعلم دائم.
التخطيط لدورة التعلم
لكي يقوم المعلم لدوره في تيسير التفاعل داخل الصف سواء بينه وبين الطلاب، أو بين الطلاب بعضهم البعض، وما يقدم لهم من خبرات سواء كانت حسية أو منطقية فإن عبء تخطيط أنشطة دورة التعلم في كل مراحل يقع على عاتق المعلم.
ولتنفيذ الدروس طبقًا لمراحل دورة التعلم، فإن المعلم يتبع الخطوات التالية:
- أن يقوم المعلم في ضوء خبرته السابقة بصياغة بعض المشكلات والصعوبات، والتي ستتضمنها أنشطة كل مرحلة من مراحل دورة التعلم (تحديد أهداف التعلم).
- يقوم المعلم بتحديد المفهوم أو المعرفة المراد تقديمها لطلابه (تحديد المفهوم).
- أن يكتب المعلم قائمة بكل ما يمكن توفيره من الخبرات المحسوسة ذات العلاقة الوثيقة بالمفهوم الذي سبق تحديده، وعلى أن تحتوي تلك القائمة على الخبرات الحسية التي يتوقع المعلم من طلابه التفاعل معها (إعداد قائمة بالخبرات المحسوسة).
- مرحلة الكشف، وهي اختيار الخبرات المحسوسة المتباينة من حيث الشكل والوثيقة الصلة بالمضمون (تخطيط أنشطة مرحلة الاستكشاف).
- التخطيط لأنشطة مرحلة تقديم المفهوم، وعلى المعلم أن يعتبر ما قام به من أنشطة خلال مرحلة الكشف اساسًا لبلوغ صياغة المفهوم المراد تقديمه (تخطيط انشطة مرحلة تقديم المفهوم).
- التخطيط لأنشطة مرحلة التطبيق، فيتضمنها مجموعة من الخبرات الحسية التي يعد تفاعل الطلبة معهًا تطبيقًا مباشرًا لمفهوم التعلم (تخطيط أنشطة تطبيق المفهوم).
تطبيق دورة التعلم الخماسية
يجب مراعاة عددًا من الأمور عند تطبيق دورة التعلم الخماسية، وهي:
- تقسيم المتعلمين إلى مجموعات.
- إعداد الوسائل التعليمية الخاصة لكل درس.
- إعداد سجلات النشاط وتتضمن أسئلة وملاحظات مناسبة لأعمار المتعلمين.
- إتاحة الفرصة الكافية للمتعلمين عند المناقشة وتبادل الرأي داخل المجموعة وتنفيذ نشاطات، وعلى المعلم توجيه وملاحظة المتعلم كلما تطلب الأمر ذلك.
إن التحضير والإعداد الجيد لمثل هذا النوع من الاستراتيجيات له دور بازر وهام في نجاحها، الأمر الذي ينعكس ايجابيًا على اتجاهات المتعلمين نحوها.
دراسات حول دورة التعلم الخماسية
أجريت العدد من الدراسات حول دورة التعلم الخماسية، والتي أظهرت فاعلية هذه الاستراتيجية: كدراسة يعقوب وأبو سنينة (2020) التي أسفرت نتائجها عن:
وجود فاعلية
لاستخدام استراتيجية دورة التعلم الخماسية في تدريس العلوم في تحصيل طالبات الصف
الثامن، وكذلك في تنمية الميول العلمية لدى طالبات الصف الثامن، وذلك من خلال وجود
فرق ذو دالة إحصائية بين متوسطات درجات افراد المجموعة التجريبية (التي تم تدريسها
وفق دورة التعلم الخماسية) والمجموعة الضابطة (التي تم تدريسها بالطريقة
الاعتيادية)
ودراسة السويلميين (2020) التي أظهرت وجود فاعلية لدورة التعلم الخماسية في
تنمية مهارات التفكير، من خلال وجود فرق
دال إحصائيا بين متوسطي درجات مجموعتي الدراسة في مهارات التفكير ولصالح المجموعة
التجريبية (التي تم تدريسها باستخدام إستراتيجية دورة التعلم
الخماسية.
بالإضافة إلى دراسة قواسمة والقادري (2019) التي أظهرت فاعلية دورة التعلم
الخماسية في تنمية مهارات التفكير العلمي، وذلك من خلال وجود تفوق أداء طلبة المجموعة التجريبية ( التي تم
تدريسها باستخدام استراتيجية دورة التعلم الخماسية) مقارنة بأداء طلبة المجموعة
الضابطة (التي تم تدريسها بالطريقة الاعتيادية).
ودراسة رحمن (2018) التي أظهرت أثرًا لاستراتيجية دورة التعلم الخماسية على دافعية التعلم لدى طلبة الصف الأول متوسط في مادة العلوم، من خلال وجود فررق دال إحصائيًا بين متوسطي درجات دافعية التعلم لصالح المجموعة التجريبية ( التي تم تدريسها باستخدام دورة التعلم الخماسية).
المراجع
رحمن، إيمان (2018). اثر استخدام دورة التعلم الخماسية على دافعية التعلم لدى طلبة الصف الأول متوسط في مادة العلوم. دراسات تربوية، 44، 141- 158.
السويلميين، منذر (2020). فاعلية تدريس إستراتيجية دورة التعلم الخماسية.مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، 28(2)، 270-289.
قواسمة، رشا والقادري، سليمان (2019). أثر استخدام دورة التعلم الخماسية المحوسبة في اكتساب مهارات التفكير العلمي في مادة العلوم لدى طلبة الصف الرابعالأساسي. دراسات- العلوم التربوية، 2(46)، 302- 322.
يعقوب، ألاء وأبوسنينة، عودة (2020).أثر استخدام إستراتيجية دورة التعلم الخماسية في تحصيل طالبات الصف الثامن في مادة العلوم وتنمية ميولهم العلمية. مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، 28(1)، 930-946.