لا يوجد توافق في الآراء حول مفهوم السعادة النفسية لارتباطها ببعض المفاهيم الأخرى، حيث تستخدم كثير من المصطلحات للدلالة على مفهوم السعادة، مثل: مفهوم الرضا، والتكيف، والازدهار، وجودة الحياة، والرفاهية الذاتية.
مفهوم السعادة النفسية
عرف أرجايل السعادة: بأنها شعور بالطمأنينة والرضا والبهجة والمتعة وإعتدال المزاج، وتضم الجانبين الإنفعالي والمعرفي الـتأملي لدى الفرد.
ويمكن تعربفها: بأنها الشعورالداخلي بالرضا، فإذا تقبل الفرد واقعه ولو كان صعبا فهوسعيد، وهي شعور ينبعث من داخل الفرد ولا يأتيه من الخارج.
كما تعرف أيضا بأنها: ثمرة للرغبة والقدرة على التضحية بما تريده الآن للوصول إلى ما تريده لاحقا، كما أنها تعكس التحكم في المهارات والمعرفة والرغبات في داخل الفرد للوصول إلى المستوى الأفضل من الفاعلية في الحياة.
وعرفها الوليدي: أنها إرتفاع مستوى رضا الفرد عن حياته، وتحددها عوامل عدة، منها:
- الإستقلالية.
- التطور الشخصي.
- تقبل الذات.
مما سبق يمكن تعريف السعادة النفسية بأنها: شعور الفردبالرضا والإرتياح والطمأنينة والبهجة والإستمتاع خلال سعيه لتحقيق أهدافه مع الإحتفاظ بنظرته الإيجابية لنفسه وللآخرين.
طرق تحقيق السعادة النفسية
يرى سليجمان أن للسعادة طرق ثلاثة هي:
- الحياة المليئة بالمعاني.
- الحياة الجيدة.
- الحياة الممتعة.
أما هادفيلد فترى أن طريق السعادة تتمثل في: قدرة الفرد على التفكير بشكل إيجابي مرتبطة بشعوره بالسعادة والتفاؤل، وقدرة الفرد على الحفاظ على هذا الشعور عند حدوث أمور طيبة في حياته أو العكس هو سر التفكير الإيجابي، وهو حالة ذهنية تخضع لإرادة الفرد وتتطلب تركيزا وعقلا متقبلا للفرص والإحتمالات المتنوعة، ومن ثم إستخراج أفضل مافي الحياة.
مصادر السعادة النفسية
أما أرجايل فقد أشار أن مصادر السعادة هي:
- العلاقات الإجتماعية.
- العمل.
- وقت الفراغ.
ولأن وقت الفراغ يمثل دافعا داخليا للفرد عبر إستخدام وتنمية المهارات وتحقيق الإشباع الإجتماعي والشعور بالإسترخاء فإنه أكثر أهمية من العمل بالنسبة لكثير من الناس، حيث يحقق لهم شعورا أكبر بالرضا.
ويضيف أن من يمتلكون تقديرا مرتفعا للذات ولديهم قدرة على تنظيم الوقت هم أفراد سعداء، كما أن العوامل المحيطة مثل الطقس، والموسيقى، والطبيعة الريفية قد تلعب دورا هاما في تحديد مستوى السعادة لدى الفرد.
أسباب السعادة النفسية
بين الفقي أن أهم أسباب السعادة هو إدراك وتقديرالذات، والمقصود هنا أن تثق بذاتك وتؤمن بكفاءتك وقدراتك دون الإلتفات إلى الآراء السلبية للآخرين، مع الإبتعاد عن نقد الذات لتصل بذلك إلى التفكير بإيجابية والشعور بالسعادة والإستمتاع بالحياة.
ويرى سليجمان أن المشاعر الإيجابية مثل الثقة بالنفس وبالآخرين والأمل تخدمنا جيدا عندما تكون الحياة صعبة، وأن المشاعر الإيجابية توسع مواردنا العقلية والبدنية والإجتماعية، وتجعلنا أكثر إبداعا وأكثر تقبلا للخبرات الجديدة وللحياة.
ويؤكد العيتي أن قدرة الإنسان على التعامل مع عواطفه، ومع الآخرين بحيث يحقق السعادة لنفسه ولمن حوله هي مهارات يمكن تعلمها إذا بذل الفرد الجهد اللازم، كما أن القدرة على التحكم في النفس وقوة الإرادة تؤدي الى الشعور بالسعادة في الحياة.
كما أن الإنسان يستطيع التحكم في مزاجه العام، والوصول إلى الشعور بالبهجة والفرح عبر أنشطة إختيارية مثل التواصل مع العائلة والأصدقاء، والأعمال التطوعية، أو الأعمال الإستثمارية، أو العمل السياسي، كما أن الرياضة والإستجمام قد تعدل المزاج.
بالإضافة إلى الأنشطة المعرفية مثل القراءة والإستماع للموسيقى، أو تعلم لغة جديدة، فكل هذه الأنشطة تعمل على تعديل مزاجنا وشعورنا بالسعادة والرضا، كما وجد أن التجارب الدينية والروحية تلعب أيضا دورا مهما في تعديل المزاج والتخلص من الحزن.
إن الشعور بالسعادة لا يعني إنعدام الشعور بالتوتر، إذ أن مقدارا متوسطا من التوتر يشكل دافعا مناسبا للأفراد لإنجاز المهمات، ومن ثم الشعور بالسعادة، وقد وجد أن السعادة في بعض التوتر، وهناك طرق عديدة تجعل من الشعور بالتوتر طريقا لتحقيق السعادة مثل: إختيار المهمات التي يمكن إنجازها، والتركيز فيما نفعله، وتحديد أهداف واضحة، وأخيرا التفكير بشعورنا كيف سيكون بعد إنجاز المهمات بنجاح.
مكونات السعادة النفسية
إن السعادة النفسية مفهوم يتكون من جانبين:
- إنفعالي.
- معرفي.
حيث يرتبط الشعور بالرضا لدى الفرد بالقناعات الفكرية التي تدعم هذا الإحساس، ويعود الشعور بالبهجة إلى الناحية الإنفعالية لدى الفرد، لذلك فإن السعادة النفسية ليست فقط شعورا لحظيا بالبهجة بل تشمل ايضا التقييم المعرفي لنوعية الحياة ككل.
كما أشارت الأبحاث إلى وجود نوعين من الشخصيات:
- النوع الأول، ويمتاز الأفراد الذين ينتمون إليه بقلة الصبر، والقلق، ومقارنة أنفسهم بالآخرين طوال الوقت، مما يجعلهم أقل شعورا بالرضا والبهجة.
- أما الأشخاص من النوع الثاني: فيتمتعون بالمرونة، والإنفتاح نحو التغيير، والمستوى المنخفض من القلق، وهؤلاء الأفراد يستمتعون بالحياة، ويحبون خوض التجارب الجديدة، ومن ثم يشعرون بالسعادة، والبهجة نتيجة لذلك.