التفكير Thinking

    إن التعرف إلى الجوانب النمائية وخصائصها للمتعلمين يسهل معرفة إهتمامات المتعلمين وميولهم وحاجاتهم، وتتمثل جوانب النمو في التطور المعرفي، والتطور النفسي الإجتماعي، والتطور الأخلاقي، وهذه الجوانب تتداخل وتتشابك معا وتتأثر فيما بينها، ولأن النمو تغير فإن لكل جانب في النمو مراحل متعددة يحددها العمر الزمني للمتعلمين.

وللربط بين الخصائص النمائية للمتعلمين في المراحل العمرية المختلفة وإعداد وتأليف المحتوى الدراسي أهمية بالغة، إذ أن تصميم المحتوى في ضوء الخصائص النمائية لمجالات النمو للمتعلمين يساهم في التنبؤ بما سيتعلمونه في كل مرحلة عمرية ودرجة إتقانهم لمهمات تعليمية معينة، وبذلك يتم تجنب هدر الوقت والجهد الناتج عن المحاولات التعليمية غير المناسبة، وتجنب حالات الإحباط الناتجة عن الإصرار على تعليم المتعلمين مهارات ومعارف علمية غير مستعدين لإكتسابها في تلك المرحلة (بني خلف، 2015).

النمو المعرفي

بحسب الجانب المعرفي فإن المتعلمين في الصفين السابع والثامن الأساسيين ينتمون إلى المرحلة النمائية الرابعة والتي يطلق عليها.

مرحلة العمليات المجردة:

 (أكبر من 12 سنة) وفقاً لتصنيفات بياجيه، ويتميز المتعلم في هذه المرحلة بالقدرة على التفكير المجرد، فالمتعلم يفكر بطريقة علمية، ويتميز التفكير لديه بخاصيتين، هما

خاصيات التفكير:

•  الخاصية الأولى: الإستدلال الفرضي الإنتاجي وهي القدرة على وضع الفروض وإختبارها بطريقة منظمة لحل المشكلات.

• والخاصية الثانية: الإستدلال المنطقي وهي تقييم منطقي مقترح حول مسألة معينة دون الرجوع إلى ظروف الواقع الحقيقي، وهو ما يسمى التفكير الإفتراضي (الزغول، 2017).

النمو النفسي الاجتماعي

وتأتي هذه الفئة العمرية ضمن مرحلة:

الهوية-غموض الهوية 

وفق النظرية النفسية الاجتماعية لاريكسون ((Erikson.

 وفيها يبدأ المتعلم بطرح عدة تساؤلات مثل: من أنا؟ من سأكون؟ ما التخصص الذي سأدرسه؟ ما الوظيفة التي سأعمل بها في المستقبل؟.

 ويكون خلالها في حالة ضياع ويأس مؤقت قبل أن يلتزم بقيم وإتجاهات وأهداف محددة.

 وتقع هذه الفترة الزمنية نفسياً بين الشعور بالأمن في مرحلة الطفولة وبين الشعور بالإستقلالية في مرحلة الرشد، ففيها يتم تحديد هوية المتعلم إذا قام بإستشكاف العديد من الأدوار وتحليلها وإختبارها ويترافق مع ذلك إحساس جديد ومقبول.

وأما إذا أخفق في ذلك فإنه يبقى يعاني من غموض الهوية، فالفشل في تأسيس الهوية هو المسؤول عن الشك بالذات وإضطراب الدور (أبوغزال، 2014).

النمو الأخلاقي

وتنتمي هذه المرحلة العمرية إلى المرحلة الثالثة من مراحل النمو الأخلاقي لدى بياجيه وهي:

مرحلة الإستقلال الأخلاقية (الأخلاقية النسبية):

    والتي تبدأ من عمر العاشرة وتستمر بعد ذلك، وفي هذه المرحلة يعتقد المتعلم أن رأيه يختلف عن وجهات نظر الآخرين فيما يتعلق بالمسائل الأخلاقية، ويصدر أحكام اخلاقية على سلوك ما مستند إلى نوايا الأشخاص وليس فقط إلى نتائج السلوك.

 فالتغير في التفكير الأخلاقي ناتج عن تفاعل النمو المعرفي للمتعلم مع فرص التواصل الكبير مع الأقران، وينظر إلى القواعد كمبادئ يتفق عليها إجتماعيا ويمكن تغييرها (أبوغزال، 2014).

وبما أن المراحل النمائية في جوانب النمو المعرفي والنفسي الإجتماعي والأخلاقي تشكل نظاماً متسلسلاً ثابتا؛ بحيث لا يمكن الوصول إلى مرحلة دون المرحلة السابقة لها، الأمر الذي قد يعني أن المتعلمين في الصفين السابع والثامن الأساسيين ينتمون ظاهرياً إلى:

1.  المرحلة النمائية المجردة في جانب النمو المعرفي. 
2. وإلى مرحلة الهوية-غموض الهوية في جانب النمو النفسي الإجتماعي.
3. وإلى مرحلة الإستقلالية الأخلاقية في جانب النمو الأخلاقي.

ولكن قدراتهم في الحقيقة لم تنضج بعد، ولم تبلغ خصائص هذه المراحل، ويتصرفون بسلوك وخصائص المرحلة السابقة معرفياً أو نفسياً إجتماعياً أو أخلاقياً، الأمر الذي يحتم الاستمرار في مراجعة محتوى الكتب المدرسية وتحليل محتواها، ومع مراعاة الخصائص النمائية المعرفية والنفسية الإجتماعية والأخلاقية.

     وبما أن مبادئ النظرية البنائية تُعنى ببناء المتعلم للمعرفة ذاتياً وإستقلالياً؛ وذلك بمواجهة المشكلات ومحاولة حلها لتغيير وتطوير البنية المعرفية له، كما وتراعي التواصل والتفاعل مع الأقران وتوسيع مهاراته الاجتماعية.

المراجع

أبو غزال، معاوية (2014). نظريات النمو وتطبيقاتها التربوية. عمان: دار المسيرة.

بني خلف، محمود (2015). دراسة تحليلية لمحتوى كتاب العلوم للصف الرابع الأساسي في الأردن في ضوء المرحلة النمائية للطلبة. مجلة المنارة للبحوث والدراسات، 21(4)، 7- 109.

الزغول، عماد (2017). مبادئ علم النفس التربوي. عمان: دار المسيرة.