JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل
Startseite

الامتنان Gratitude

 

    لا يُعد الامتنان أعظم الفضائل الإنسانية فقط، بل هو مثابة الأب لها جميعًا، وفي واقع الأمر يتذكر كل شخص منا أوقاتًا كثيرة في حياته عبر فكره عن شكره وامتنانه وتقديره للآخرين لما أسدوه لنا من خدمات ولما منحوه لنا من وقت وجهد في سبيل مساندتنا ورعايتنا.

    ويُعد الامتنان والثناء والعرفان بالجميل من أهم الفضائل الاجتماعية والمدنية، ومن الدوافع المركزية في توجه الإنسان نحو فعل الخير والإحسان، فضلًا عن كونه أحد المحددات المعرفية والانفعالية التي يمكن بموجبها إشباع الحاجة الاجتماعية للتعايش الإيجابي مع الآخرين.

مفهوم الامتنان

    يُعرف الامتنان على أنه شعور بالتقدير تجاه فرد فاعل للخير تجاهك، أو أنه سمة من الشكر المستمر على مر الزمان أو الوعي بالأشياء الجميلة التي تحدث للإنسان دون اعتبارها من قبيل الأمر الواقع مع مراعاة أن الامتنان هو استعداد لتقديم الشكر لمن يستحقه فهو تقدير لتميز شخص آخر في سمة روحية أو أخلاقية.

    وعرف عدد من الباحثين الامتنان كحالة من رضا الشخص عن ما يحوزه ويحتويه من نعم بشكر واطمئنان لتلقي منحة أو نعمة أو فائدة ونفع من شخص ما.

    ووصف الامتنان كحالة موقفية اعتبر بموجبها رد فعل انفعالي لحدث أو خبرة حالة، وأنه خاصية استعدادية أو سمة.

    وينظر إلى الامتنان على أنه تقدير الشخص وتثمنه واعتزازه بكل ما له قيمة ومعنى في حياته، والتوجه لحمدلله والثناء عليه لعطاياه ومنحه وجوده وكرمه مع شعوره بالشكر والثناء والاعتراف بالفضل لكل من له فضل عليه.

أهمية الشعور بالامتنان

    يشار إلى أن الافراد يصفون تجارب الامتنان على أنها متعة، وأنها تخفف من التجارب البغيضة مثل: الاستياء والحسد والندم.

    وأن العاطفة الإيجابية للامتنان لها ثلاث وظائف أخلاقية: 

  • كمقياس أخلاقي يعكس رد فعل الفرد تجاه أفعال خيرة قد قدمت له.

  • دافعًا أخلاقيًا حيث أنه يدفع الفرد إلى الاستجابة بطريقة إيجابية نحو من قدم له خدمة.

  • مدعم أخلاقي لأنه بمثابة مكافأة اجتماعية تشجع صانع المعروف على تقديم أشكال أخرى من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية مستقبلًا.

    كما أن الامتنان يوسع أنماط تفكير الناس عندما يفكرون بشكل خلاق في مجموعة واسعة من الإجراءات التي قد تفيد الآخرين، ويساعد على بناء تقوية الروابط الاجتماعية والصداقات.

    ومن المحتمل أن يشعر الأفراد بالحب والاهتمام من قبل الآخرين، لذا يبدوا أن الامتنان يبني صداقات وروابط اجتماعية أخرى.

    وتشير نظرية التوسع والبناء للمشاعر الإيجابية إلى أن الامتنان مثل -الفرح والاهتمام والرضا والحب والفخر والسمو- يوسع أنماط تفكير الناس، والتي بدروها تبني مواردهم الشخصية والاجتماعية الدائمة.

أشكال الامتنان

    يشير المختصين إلى أن للامتنان عدة أشكال، وهي:

  1. الامتنان اللفظي: ويتمثل في التعبير اللفظي عن الامتنان للآخرين.
  2. الامتنان المادي: ويتضمن تقديم شيء مقابل تلقي المساعدة.
  3. الامتنان الغائي: ويتمثل في التوجه نحو المستقبل.
  4. الامتنان الترابطي: ويتمثل في علاقة روحية بالمانح كالصداقة إضافة إلى الاحساس الدافيء بتقدير الشخص أو الشيء، والاحساس بالنية الحسنة نحو هدف الشخص، والاستعداد للتصرف بإيجابية نحو هذا الشخص.

تأثير الامتنان على الإنسان

    شهدت دراسات الامتنان تزايدًا ملحوظًا مع ظهور علم النفس الإيجابي، وفيما يلي وصف لثلاثة تأثيرات أساسية للامتنان على الإنسان وخصوصًا الدماغ والجسم:

  • يقلل الامتنان من معدل ضربات القلب: 

        في برنامج تدخل موجه لتنمية الامتنان طلب من المشاركين تخيل أمهاتهم وإبلاغهن صمتًا في عقولهم إلى أي مدى يحبونهن ويقدرونهن، ولاحظ الباحثون وجود انخفاض في معدل ضربات القلب مقارنة بالمجموعة التي لم تتعرض لهذا التدخل.

    وفي هذه الدراسة طُلب من أعضاء المجموعة التي لم تتعرض للتدخل التركيز على لحظة أو شخص جعلهم غاضبين، وبالمقارنة بين مجموعة الامتنان ومجموعة الغضب والاستياء توصل الباحثون إلى أن " التدخلات العلاجية القائمة على الامتنان أو الموجهة لتنمية الامتنان تعدل من إيقاع عمل القلب بطريقة تحسين الصحة النفسية".

  • يقوي الامتنان النشاط الدماغي المرتبط بالانفعال: 

    لاحظ العلماء عبر دراساتهم عن التدخل لتنمية الامتنان " أن التدخل بفنياته المختلفة أدى إلى تقوية قدرة المشاركين على تنظيم الانفعالات كما يعبر عنه بالتركيز على انفعالات معينة أو التفكير في موقف وإعادة تفسيره من منظور إيجابي.

    واستخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (Functional Magnetic Resonance Imaging) لقياس هذا الأمر ولوحظ وجود نشاط دماغي واضح أثناء فترات الراحة، ولوحظ على وجه التحديد تاثر نشاط اللوزة (Amygdala) وهي منطقة دماغية معروفة بدروها في معالجة الانفعالات أثناء وبعد تعرض المجموعة التجريبية لبرنامج التدخل الموجه نحو تنمية وتعزيز الامتنان.

  • يحسن ويعزز الامتنان النشاط الدماغي المرتبطة بالدافعية: 

    لوحظ أيضًا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أثناء وبعد برنامج تنمية الامتنان وجود تحسن في الدافعية العامة لدى المشاركين في المجموعة التجريبية.

    وركز الباحثون على ملاحظة نشاط أثناء حالة الراحة (Nucleus Accumbens) وهي مسؤولة عن المعالجة المعرفية للدافعية، وقد يؤثر نشاط هذه المنطقة بصورة ما على الأفراد ذوي الاكتئاب الجسيم، ولوحظ أنه عند ممارسة الامتنان بانتظام تنشط هذه المنطقة الدماغية بصورة إيجابية الأمر الذي قد يؤدي إلى الهدوء والسكينة والسلام النفسي الداخلي.

المرجع

    أبو حلاوة، محمد السعيد والحديبي، مصطفى عبدالمحسن (2022). علم النفس الإيجابي أسسه- قضاياه- وتوجهاته المستقبلية. الطبعة الأولى، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
author-img

مدونة محمد العمايرة التربوية.

Kommentare
    Keine Kommentare
    Kommentar veröffentlichen
      NameE-MailNachricht